أقسام الكلم مفتاح النحو العربي
كان العنوان المفترض لهذا الموضوع هو "كيف فهم المستعربون الفرنسيون النحو العربي"، وكان المفترض أن يُلقى على باحثي المعهد الفرنسي وطلابه بدمشق، وكان الدافع إليه هو الوضع الذي انتهى إليه هذا النحو، متهماً من جهة بالصعوبة واللامنطقية والنقص، ومن جهة أخرى، موصوفاً بأنه مؤسس على أساس قريب جداً من بعض الاتجاهات الحديثة في علم اللغة الأوربي. وتوقعت أن أجد لدى المستعربين الفرنسيين إما فهماً عميقاً للأسس التقليدية لهذا النحو، أو فهماً متطوراً له على ضوء معطيات علم اللغة الحديث. ولكن هذا الاتجاه في البحث انتهى دون جدوى في ما وجدت في المعهد الفرنسي للدراسات العربية من مؤلفات، وهي:
de Sacy: Grammaire Arabe. Institut du monde arabe. Paris 2ème edition.
Savary: Grammaire de la Langue Vulgaire et Littéraire 1813
Caspari: Grammaire Arabe , Traduite De La 4ème Édition Allemande par Euricoechen Paris 1881.
Galland: Grammaire ďArabe Régulier 1903.
Blachère: Éléments de ĽArabe Classique 1930.
Fleish: Ľarabe Classique 1956.
Pellat: Introduction à ĽArabe Moderne 1956.
Lecomte: Grammaire de ĽArabe Moderne (Que Sais – je)
Perier: Nouvelle Grammaire Arabe S.D.
والملاحظ أن المستعربين الفرنسيين الذين ألفوا كتباً تعليمية للنحو العربي يتجنبون أي حديث في موضوع أقسام الكلم حسب الطريقة العربية، أو يعيدون تقسيمها وفقاً لمناهجهم إلى تسعة أقسام أو عشرة كما في الفرنسية.
بل إن دو ساسي يقول بعد أن يعدد أقسام الكلم في العربية: رأينا عدم متابعة هذه الطريقة لأنها تبتعد كثيراً عن الهدف الذي عزمنا عليه، وهو إعادة تعليم اللغة العربية إلى عناصر القواعد العامة (La Grammaire Générale) كاللغات الأخرى. وألحقنا الصفة adjectif بالاسم لأن الصفات تُستعمل غالباً أسماءً Substantif.
وتتهم باحثة فرنسية هي جوليا كريستيفا Julia Kristeva في كتابها “Le Langage Cet Inconnu” (اللغة هذا المجهول) العرب بعدم امتلاك نظرية نحوية تتعلق بالجملة، وعدم امتلاك فكرة المسند إليه Sujet والمسند Prédicat؛ ولهذا يسمون الاسم في أول الجملة مبتدأ من فعل ابتدأ، وبعد الفعل فاعلاً. ولكنها في الوقت نفسه تصف النظريات اللغوية العربية بأنها مستعارة من اليونانية والهندية قائلة: إن شواهد كثيرة تشهد على هذا. دون أن تذكر إلا ما يتعلق بالدراسات الصوتية.
وبين اتهامات المفكرين العرب نسوق بشيء من التفصيل اتهاماً للنحو العربي نموذجياً جداً للمفكر القومي المعاصر الشهير ساطع الحصري، لسبب سنذكره بعد عرضٍ موجزٍ لآرائه. وأظن أن هذا الموقف من المستعربين الفرنسيين، وكذلك موقف الحصري، لن يحتاجا إلى مناقشة بعد عرض منطلقات النحو العربي.
ينتقد الحصري تقسيم النحو العربي للكلم إلى اسم وفعل وحرف قائلاً: "من المعلوم أن الكلمات تقسم في سائر لغات العالم إلى أنواع كثيرة يبلغ عددها ثلاثة أمثال ذلك؛ فيجدر بنا أن نتساءل تجاه هذا الفرق العظيم فيما إذا كانت هناك مبررات فعلية وأسباب حقيقية تستوجب التباعد إلى هذا الحد بين العربية وسائر اللغات من وجهة تصنيف الكلمات. وإذا أنعمنا النظر في المعاني التي يقصدها اللغويون من كلمتي الاسم والفعل وجدنا أن علماء العربية يضيّقون مفهوم الفعل بعض التضييق بإخراج المصدر واسم الفاعل واسم المفعول منه، غير أنهم يوسعون مفهوم الاسم توسيعاً كبيراً "(1)
ثم يدعو إلى ترك ذلك التقسيم، وإلى تكثير أنواع الكلمات قائلاً: "فليس من المعقول أن نبقى متمسكين بهذا التقسيم القديم، بل من الأوفق أن نعيد النظر فيه على أساس تكثير أنواع الكلمات أسوة بما يفعله لغويو العالم … ولا شك في أن ذلك يكون أقرب إلى مقتضيات العقل والمنطق، وأضمنَ لتسهيل الفهم والتعلم" (2)
ويحتج على تصنيف الضمائر المتصلة بخاصة في حقل الأسماء، ويرى أن أسماء كثيرة كالسنة والشتاء والأمس تحمل مفهوم الزمن، وكذلك أسماء الفاعلين والمفعولين. وينتقد تقسيم الجملة حسب ابتدائها باسم أو فعل فيقول: "من المعلوم أن الجملة تنقسم إلى قسمين فعليةٍ واسميةٍ، ولكننا حين ننظر إلى الأمر نِظرة منطقية يجب أن نفهم من تعبير "جملة فعلية" الجملة التي تحتوي على فعل، وبتعبير آخر: الجملة التي تُعْلمنا ما حدث ويحدث. كما يجب أن نفهم من تعبير "جملة اسمية" الجملة التي لا تحتوي على فعل، وبتعبير آخر: الجملة التي تخبرنا عن أوصاف اسم من الأسماء وحالاته. غير أن قواعد اللغة العربية لا تلتزم هذه التعريفات والمفهومات المنطقية، بل تخالفها كلية، فإنها تعتبر الجملة فعلية عندما تبدأ بفعل، واسمية عندما تبدأ باسم. ومعنى ذلك أنها لا تصنف الجمل حسب أنواع الكلمات التي تتألف منها بل تصنفها حسب نوع الكلمة التي تبتدئ بها دون أن تلتفت إلى بقية كلماتها"(3)
ويتابع قائلاً "ونظراً لهذه القواعد الرسمية فإن عبارة "نام الولد" يجب أن تعتبر جملة فعلية، في حين أن عبارة "الولد نام" يجب أن تعتبر جملة اسمية مع أن كلتيهما تتألف من نفس الكلمات وتؤدي إلى نفس المعنى. إنني أعتقد أن تفسير الجملة على هذا النمط الغريب نتيجةُ خطأ منطقي وقع فيه علماء اللغة في عصور التدوين الأولى بسبب اهتمامهم بالأوصاف الظاهرة أكثر من اهتمامهم بالمعاني المفهومة"(4) فقد عرّف علماء اللغة الفاعل بقولهم: "اسم مرفوع يتقدمه فعل، فإذا تقدم الاسم على الفعل لا يترتب على ذلك في عرفهم تحوُّل الجملة من فعلية إلى اسمية فحسب، بل يترتب على ذلك خروج الاسم من الفاعلية أيضاً. فعندما يقال (الولد نام) لا يرون مسوغاً لاعتبار كلمة الولد فاعلاً، نظراً لمخالفة ذلك للتعريفات التي وضعوها" (5) ثم يتابع: "وبما أن هناك فعلاً يتطلب فاعلاً فإنهم يلجؤون إلى طرق التأويل الملتوية فيقولون: إن الفاعل ليس الولد المذكور صراحة، وإنما هو ضمير مستتر يعود إلى الاسم المذكور"(6)
ثم يعقب "إنني أعتقد أن الإنسان لو قصد التعقيد والتشويش لغرض من الأغراض لما استطاع أن يجد طريقة تصنيف وتفسير أكثر اعوجاجاً وأشد غرابة من ذلك … أفلم يحِنْ بعدُ وقتُ الإقدام على التخلص من هذه المسالك الملتوية والرجوع إلى طريق المنطق والصواب"(7)
إن هذا الربط بين أقسام الكلم ونوعي الجملة، والذي قد يكون مقصوداً، أو غير مقصود، هو موضوع هذا البحث تماماً.
أقسام الكلم: لمحة تاريخية
بدأ تقسيم الكلم مع سقراط، وتطور ببطء إلى اللائحة التي أعدها النحوي اللاتيني دوناتوس Donatosفي القرن الرابع. ولم تخضع تلك اللائحة إلا لتغيرات تفصيلية. واستُخدمت في قواعد بورـ رويال Port-Royal كما هي تقريباً. واستخدمها كذلك النحاة المدرسيون الفرنسيون، وتتضمن:nom , pronom , verbe , participe conjonction , adverbe , préposition , interjection.
ويعرَّف الاسم قبل بور - رويال بأنه من وجهة نظر علم المعاني sémantique إشارةٌ إلى الحقيقة الثابتة كما لو أنه يؤلف بنفسه سبباً للمعرفة. أما مدرسة بور- رويال فتقسم الكلمات انطلاقاً من الجملة proposition التي تنقسم إلى مسند إليه sujet ومسند attribut، أي:
- إلى ما يؤكَّد عليه، وهو المسند إليه.
- ما يؤكِّد، وهو المسند attribut أو predicat .
والرابط بينهما هو فعل الكون être. وعلى هذا فالكلمات نوعان أساسيان: النوع الأول يدل على الأشياء التي في تفكيرنا أو هي مواضيع تفكيرنا Les objets des pensées. والنوع الثاني يدل على صيغة أفكارنا أو طريقتها La forme ou la manière de nos pensées رغم أن هذا النوع لا يمكن أن يوجد بمعزل عن النوع الأول. (D. Encyclopédie P263).
وكلمات النوع الأول هي الأسماء والضمائر والأدوات particules وparticipes وprépositions و adverbs.
أما كلمات النوع الثاني فهي الأفعال والروابط conjonction والتعجب interjection.
إذن هناك نوعان أساسيان للكلمات هما الاسم والفعل. وتتضمن الأسماءُ الأسماءَ الموصوفة substantif والصفات adjectif التي تحدد نوعية الأشياء؛ فكلماتٌ مثلُ "الشمس" و"الأرض" و"السماء" تسمى substantif، وكلمات مثل "حمراء" و"مستديرة" تسمى accident. والفعل توكيد فقط، ولا يتضمن زماناً ولا استمراراً، وكل فعل يحتوي على بذرة فعل الكون v. être، وبتعبير آخر: كلُّ فعلِ "كان" يتضمن في البداية فعل الكون.
ويتبنى دو ساسي قواعد بور- رويال كما هي تقريباً(8)
وإلى الآن ليس من السهل الاتفاق على مبدأ أو معيار لتقسيم الكلم ينطبق على اللغات كلها، لأن كل معيار يصطدم بعقبة ما؛ فإذا اعتُمد المعيار المعنوي أو الدلالي مثلاً فإن لبعض الكلمات أكثر من معنى مختلف composite كاسم الفاعل واسم المفعول اللذين جزءٌ من معناهما اسمي والآخر فعلي، وكذا إذا اعتُمد المعيار الدلالي ظهرت مشكلات أخرى. ولهذا يميل علم اللغة إلى أن من شبه المستحيل الاتفاق على نظام شامل لتقسيم الكلم.
أقسام الكلم في النحو العربي
ميز سيبويه الاسم والفعل والحرف دون تعريف، فقال "فالكلم اسم وفعل وحرف جاء لمعنى (يقصد حروف المعاني كواو العطف وفائه، لا حروف المباني)، فالاسم رجُلٌ وفَرَسٌ وحائطٌ. وأما الفعل فأمثلة (أوزان) أُخذت من لفظ أحداث الأسماء (المصادر) وبُنيت لما مضى، ولما يكون ولم يقع، وما هو كائن لم ينقطع، (الماضي والمستقبل والحاضر). وأما ما جاء لمعنى وليس باسم ولا فعل فنحوُ ثُم وسوف". غير أن حديث سيبويه عن الفعل المضارع يكشف اتجاهاً واضحاً إلى تقسيم الكلم حسب وظيفة الكلمة في الجملة؛ يقول "وإنما ضارعت الأفعالُ المضارعة أسماءَ الفاعلين أنك تقول "إن عبد الله لَيفعل" فيوافق ذلك "لَفاعلٌ"، حتى كأنك قلت "إن زيداً لفاعلٌ". ثم يذكر أيضاً أن مثل (ضرب) في "هذا رجل ضرب" تكون في موضع (ضارب) كأنك قلت "هذا رجل ضارب"؛ فوقعت (فَعَلَ) موقع الأسماء في الوصف. ويتبين لك أنها ليست بأسماء أنك لو وضعتها مواضع الأسماء لم يجز ذلك؛ ألا ترى انك إذا قلت "إن يضرب يأتينا" وأشباه ذلك لم يكن كلاماً " (9).
يُفهم بسهولة من كلام سيبويه أن الفعل هو الذي يمكن أن يكون مسنداً فقط ولا يكون مسنداً إليه. أما الاسم فهو الذي يمكن أن يكون مسنداً إليه ومسنداً.
وإذا كان سيبويه يعقد هذه المقارنات لإثبات أن الفعل المضارع يساوي تحديداً اسم الفاعل والاسم عموماً، وأن الفعل الماضي قريب من المضارع لأنه يحل محل الاسم أحياناً، دون تعريف؛ فإن النحاة المتأخرين يطورون التعريف فيميزون أقسام الكلم على النحو التالي:
-
ما له معنى في نفسه، وهو أيضاً قسمان:
- ما ليس مقترناً بزمان معين أو محصَّل، أي الماضي أو الحاضر أو المستقبل، وهو الاسم.
- ما هو مقترن بزمان معين، وهو الفعل.
ويحددون الزمان بالمعين أو المحصَّل لأن بعض الأسماء كالسنة والشهر ـ كما يقول الحصري ـ يحمل فكرة الزمان. كما أن المصدر نفسه لا يمكن تصوره دون زمان إذ لا حدثَ دون زمان. (10)
- ما ليس له معنى في نفسه، بل معناه في غيره، وهو الحرف.
ولكن هذا التعريف يصطدم بمشكلة أن ضروباً من الأسماء، كأسماء الإشارة والموصولات والضمائر ليس لها معنى مستقل. ولذا يضيفون إلى التعريف العلامات أو الخصائص، فيعددون من علامات الاسم قبول (ال) المؤثرة (غير الزائدة)، والإضافة والتنوين، والحديث (الإخبار) عنه.
يقول ابن هشام "وهذه العلامة (الحديث عنه) أنفعُ العلامات المذكورة للاسم، وبه استُدل على اسمية التاء في (ضربتُ)؛ ألا ترى أنها لا تقبل (ال)، ولا يلحقها التنوين ولا غيرُها من العلامات التي تُذكر للاسم سوى الحديث عنها" (11)
غير أن بين هذه العلامات علاقة وثيقة؛ فهي تحصر هذا القسم من الكلم في ما يمكن أن يكون نكرة ومعرفة؛ فقبول (ال) المؤثرة (بغضِّ النظر عن الأنواع الأخرى غير الأساسية للتنوين كالعوض والترنم والتنكير) دليل على أن الكلمة تقبل التعريف والتنكير. وفي الوقت نفسه، وهذا يُفهم من ابن يعيش، فإن كون الكلمة قابلة للإسناد إليها علامة على كونها اسماً لأن المسند إليه يجب أن يكون معرفة، أما الفعل فينظر إليه على أنه نكرة لأنه موضوع للخبر، وحقيقة الخبر أن يكون نكرة لأنه الجزء المستفاد (أي الذي يحمل الفائدة الإخبارية للسامع). ولو كان الفعل معرفة لم يكن فيه للمخاطب فائدة لأن حد الكلام أن تبتدئ بالاسم الذي يعرفه المخاطب كما تعرفه أنت، ثم تأتي بالخبر الذي لا يعلمه ليستفيده؛ فالتعريف والإضافة خاصان بالاسم لأن الاسم يحدَّث عنه، والمحدَّث عنه لا يكون إلا معرفة، والفعل خبر والخبر نكرة.
ويقول الرضي في "شرح الكافية" "الاسم بحسب الوضع يصلح لأن يكون مسنداً ومسنداً إليه، والفعل يصلح لكونه مسنداً، لا مسنداً إليه، والحرف لا يصلح لأحدهما"
فما علاقة النكرة والمعرفة بموضوع أقسام الكلم، ولماذا لم يتبع النحاة العرب التقسيم اليوناني أو اللاتيني؟
سواء كان العرب مطلعين على النحو اليوناني أم لا، فالثابت أنهم انطلقوا في تقسيم الكلم من منطلق آخر وهو بنية الجملة. فقد نظر اللغويون العرب إلى اللغة على أنها ظاهرة اجتماعية، وعلى هذا شواهد كثيرة، ولا سيما في كتاب الخصائص لابن جني، على أني سأقتصر على واحد منها وهو رأي أبي علي الفارسي أستاذِ ابن جني، في ظهور الكلام الإنساني، وخلاصته أن الكلام ظهر مجتمعاً بصفته وسيلة تواصل، ولم يظهر الاسم قبل الفعل ولا الفعل قبل الاسم، ولا أحدهما قبل الحرف، يقول "وذلك أنهم وزنوا حينئذ أحوالهم، وعرفوا مصاير أمورهم، فعلموا أنهم محتاجون إلى العبارات (التعبير) عن المعاني، وأنها لا بد من الأسماء والأفعال والحروف، فلا عليهم بأيها بدؤوا، أبالاسم أم بالفعل أم بالحرف لأنهم قد أوجبوا على أنفسهم أن يأتوا بهن جـُمَعَ إذ المعاني لا تستغني عن واحد منهن" (12)
ومنذ كتاب سيبويه بدا واضحاً الاهتمام بالتواصل الاجتماعي عن طريق الكلام. ولا أعتقد بدقةِ الاتهامات الموجهة إلى النحو العربي من أنه وُجد لضبط قراءة القرآن خصوصاً، وأن الهم الأول له كان الحركة الإعرابية، على الأقل عند النحاة الأوائل، وعند متأخري المعتزلة. يقول سيبويه "تبتدىء بالأعرف ثم تذكر الخبر، فإذا قلت: كان زيد، فقد ابتدأت بما هو معروف عنده مثلُه عندك، فإنما ينتظر الخبر. فإذا قلت (حليماً فقد أعلمته مثل ما علمت … فإذا قلت (كان حليم) أو (رجل) فقد بدأت بنكرة، ولا يستقيم أن تخبر المخاطب عن المنكور (النكرة) لأنه ينبغي لك أن تسأله عن خبرِ مَن هو معروف عنده كما حدثته عن خبر مَن هو معروف عندك، فالمعروف هو المبدوء به، ولا يُبدأ بما يكون فيه اللبس وهو النكرة؛ ألا ترى أنك لو قلت: (كان رجل منطلقاً) أو (كان رجل حليماً) كنت تُلبِس (تسبِّب الغموض) لأنه لا يُستنكر أن يكون في الدنيا إنسان هكذا، فكرهوا أن يبتدئوا بما فيه اللبس، ويجعلوا المعرفة خبراً لما يكون فيه هذا اللبس" (13)
ويقول السيرافي في شرح هذه الفكرة "وحَدُّ الكلام أن تخبر عمَّن يُعرف بما لا يُعرف لأن الفائدة في أحد الاسمين، والآخر معروف لا فائدة فيه، والذي فيه الفائدة هو الخبر".
ويقول ابن يعيش وهو نحوي متأخر (- 643 هـ) "اعلمْ أن أصل المبتدأ أن يكون معرفة، وأصل الخبر أن يكون نكرة وذلك لأن الغرض في الإخبارات إفادةُ المخاطب ما ليس عنده، وتنـزيله منـزلتك في علم ذلك الخبر. والإخبارُ عن النكرة لا فائدة فيه؛ ألا ترى أنك لو قلت (رجل قائم) أو (رجل عالم) لم يكن في هذا الكلام فائدة لأنه لا يُستنكر أن يكون رجل قائماً أو عالماً في الوجود ممن لا يعرفه المخاطب. وليس هذا الخبرَ الذي تُنـزل فيه المخاطب منـزلتك فيما تعلم. فإذا اجتمع معك معرفة ونكرة فحق المعرفة أن تكون هي المبتدأ، وأن يكون الخبرُ النكرةَ لأنك إذا ابتدأت بالاسم الذي يعرفه المخاطب كما تعرفه أنت فإنما ينتظر الذي لا يعلمه. فإذا قلت (قائم) أو (حكيم) فقد أعلمته بمثل ما علمت مما لم يكن يعلمه حتى يشاركك في العلم. فلو عكست وقلت (قائم زيد) فقائم منكور ولا يعرفه المخاطب فتجعله خبراً مقدماً يستفيده المخاطب، ولا يصح أن يكون زيدٌ الخبرَ لأن الأسماء لا تُستفاد (ليست معلومة جديدة) ولا يساوي المتكلمُ المخاطبَ لأن النكرة ما لا يعرفه المخاطب وإن كان المتكلم يعرفه … فالمعرفة والنكرة بالنسبة إلى المخاطب"(14)
وينطبق مفهوم النكرة أو غير المعلوم كذلك على عدم علم السامع بوجود ارتباط بين شيئين معلومين بالنسبة له. يقول السيرافي في شرح كتاب سيبويه "إن قيل: إذا كان الاسم (يقصد اسم كان، أي المسند إليه) والخبر جميعاً معروفين فما الفائدة؟ قيل: الاسم المعروف قد يُعرف بأنحاء منفردة وقد يعرف بها مركَّبة؛ ففي (زيد أخوك) (زيد) معروف بهذا الاسم منفرداً، و(أخوك) معروف بهذا الاسم منفرداً؛ غير أن الذي عرَفهما بهذين الاسمين منفردين قد يجوز أن يجهل أن أحدهما هو الآخر"
وباختصار: تتألف الجملة العربية الاسمية من مبتدأ، أي من موضوعٍ للكلام معروفٍ من السامع والمتكلم، يكون نقطة انطلاق لعملية التواصل، ومن خبر يجهله السامع، وهو الذي يحمل الفائدة الإعلامية في الجملة (محمول الكلام)؛ فلا فائدة في أن تحدِّث غيرك عن شيء يجهله، ولا في أن تحدِّثه شيئاً يعرفه. فإذا كان المبتدأ والخبر معرفتين كان السامع يعرفهما منفردين، ولكن لا يعرف العلاقة بينهما، كمن يعرف شخصاً اسمه أحمد ويعرف أن للمدرسة مديراً، ولكن لا يعرف إن كان أحمد هو المدير، فتقول له: أحمد هو المدير. وإذا كان موضوع الكلام أو المسند إليه نكرة لا تأتي الفائدة الإعلامية من المسند، أي الخبر وحده، بل من مجموع المسند إليه والمسند، وهنا يجب أن تكون الجملة فعلية.
درس عبد القاهر الجرجاني الجملة العربية درساً مفصلاً في كتابه الشهير "دلائل الإعجاز" بما يستحيل إيفاؤه حقه من الشرح في مقالة أو محاضرة، وإنما نختصر ما نعتقد أنه أساس بنية الجملة العربية، وهو:
- الفرق بين (فعل زيد) و (زيد فعل) مع ملاحظة أن المسند إليه (زيد) معرفة: يقول الجرجاني "إذا عمدت إلى الذي أردت أن تحدِّث عنه بفعل، فقدَّمتَ ذِكره، ثم بنيت الفعل عليه فقلت: (زيد قد فعل) و(أنا فعلت) و (أنت فعلت) اقتضى ذلك أن يكون القصد إلى الفاعل (المهم هو الفاعل)؛ إلا أن المعنى في هذا القصد ينقسم إلى قسمين: أحدهما جليٌّ لا يُشكل، وهو أن يكون الفعل فعلاً قد أردت أن تنص فيه على واحد فتجعله له وتزعم أنه فاعله دون واحد آخر، أو دون كل أحد، ومثال ذلك أن تقول (أنا كتبت في معنى كذا) تريد أن تدَّعي الانفراد بذلك والاستبداد به، وتزيل الاشتباه فيه، وتردَّ على مَن زعم أن ذلك كان من غيرك، أو أن غيرك قد كتب فيه كما كتبت.
والقسم الثاني أن لا يكون القصد إلى الفاعل على هذا المعنى، ولكن على أنك أردت أن تحقق على السامع أنه قد فعل وتمنعه من الشك … ومثاله قولك (هو يعطي الجزيل وهو يحب الثناء)؛ لا تريد أن تزعم أنه ليس ههنا من يعطي الجزيل ويحب الثناء غيرُه … ولكن تريد أن تحقق على السامع أن إعطاءَ الجزيل وحبَّ الثناء دأبُه. ثم يتابع "وهذا الذي قد ذكرت من أن تقديم ذكر المحدَّث عنه يفيد التنبيه له قد ذكره صاحب الكتاب (سيبويه) في المفعول إذا قُدِّم فرُفع بالابتداء، وبُني الفعل الناصب له عليه …كقولنا في (ضربت عبد الله): (عبدُ الله ضربته) فقال سيبويه "وإنما قلت (عبدُ الله) فنبهته له، ثم بنيت عليه الفعل ورفعته بالابتداء".
ويشرح الجرجاني السبب في الفرق بين الجملتين "فإن ذلك من أجل أنه لا يؤتى بالاسم معرّى من العوامل إلا لحديث نُوي إسناده عليه. وإذا كان كذلك فإذا قلت (عبدُ الله) فقد أشعرت قلبه بذلك أنك أردت الحديث عنه، فإذا جئت بالحديث فقلت مثلاً: (قام) أو (خرج) فقد علم ما جئت به وقد وطَّأت له وقدمت الإعلام فيه، فدخل على القلب دخولَ المأنوس به، وقبِله قبول المتهيئ له، المطمئن إليه؛ وذلك لا محالة أشدُّ لثبوته وأنفى للشبهة، وأمنعُ للشك، وأدخلُ في التحقيق"
ومما يدل بوضوح على الفرق بين (نام الولد) و (الولد نام) خلافاً لساطع الحصري وغيره، أن الأولى (نام الولد) جملة واحدة، أي أنها جملة بسيطة أو صغرى، لأن الفاعل مع الفعل جزء واحد لا يتجزأ، ويعدد النحاة اثني عشر دليلاً على ذلك. وبغضِّ النظر عن أدلة النحاة، فعلى طريقة الجرجاني كان يمكن أن نقول: (الولدان نام) و(الأولاد نام) لو كانت الجملتان متساويتين كما تقول (نام الولدان) و (نام الأولاد).
ويتضح من تحليل جملة (الولدان ناما) أن فيها ثلاثة عناصر: الولدان، والفعل نام، والضمير المتصل الألفُ. في حين أن (نام الولدان) تتألف من عنصرين فقط. ويبدو الفرق بين الجملتين أيضاً في وجود ضمير مستتر في الجملة الاسمية (الولد نام) بالمقارنة مع الجملة الحالية في(رأيت الولد ينام) فلولا الضمير المستتر في (ينام) لانفصلت الجملة الحالية عن صاحب الحال، وأضحت جملة جديدة لا علاقة لها بسابقتها.
ويُستنتج مما سبق أن (نام الولد) مجموعة إخبارية واحدة لا تتجزأ، أي لا يمكن أن يُفصل منها جزءٌ يسمى موضوع الكلام، وآخرُ يسمى محموله. أما الجملة الثانية فهي جزءان متمايزان بدليل ضمير الارتباط بينهما.
والدليل الثاني على فرقِ ما بينهما أنك تدخل النواسخ على جملة (الولد نام) فتقول: (كان الولد نام) و(إن الولد نام) و(أظن الولد نام)، ولا تفعل هذا بالجملة الأولى. ومعروف أن الجملة الاسمية ونواسخها شطر النحو العربي.
- إذا قلت (رجل جاءني)، مع ملاحظة أن المسند إليه هنا نكرة، لم يصلح حتى تريد أن تُعْلمه أن الذي جاءك رجلٌ لا امرأة، ويكون كلامك مع من عرف أنْ قد أتاك آتٍ. فإن لم ترد ذاك كان الواجب أن تقول (جاءني رجل) فتقدم الفعل … وذلك أن التنبيه لا يكون إلا على معلوم. فإذا بدأت بالنكرة فقلت (رجلٌ) وأنت لا تقصد بها الجنس (جنس الرجال) وأن تُعلم السامع أن الذي أردت بالحديث رجل لا امرأة، كان محالاً أن تقول: إني قدمته لأنبِّه المخاطب له، لأنه يخرج بك إلى أن تقول: "إني قد أردت أن أنبه السامع لشيء لا يعلمه في جملة ولا تفصيل، وذلك ما لا يُشك في استحالته؛ فاعرفه" (15)
- الفروق بين (زيد منطلق) و (زيد المنطلق) و (المنطلق زيد):
يقول الجرجاني "اعلم أنك إذا قلت (زيد منطلق) كان كلامك مع من لم يعلم أن انطلاقاً كان، لا من زيد ولا من عمرو؛ فأنت تفيده ذلك ابتداء (ما يسمى بالخبر الابتدائي). وإذا قلت (زيد المنطلق) كان كلامك مع من عرف أن انطلاقاً كان، إما من زيد وإما من عمرو (ما يسمى بالخبر غير الابتدائي) فأنت تعلمه أنه كان من زيد دون غيره. والنكتة هنا أنك تثبت في (القول) الأول الذي هو (زيد منطلق) فعلاً لم يعلم السامع من أصله أنه كان (وهذا كما سبق هو الخبر الابتدائي الذي يُلقى إلى السامع للمرة الأولى). وتثبت في (القول) الثاني الذي هو (زيد المنطلق) فعلاً قد علم السامع أنه كان (أي فعل الانطلاق)، ولكنه لم يعلمه لزيد فأفدته ذلك، فقد وافق الأولَ في المعنى الذي كان له الخبر خبراً، وهو إثبات المعنى للشيء. وليس يقدح في ذلك أنك كنت قد علمت أن انطلاقاً كان من أحد الرجلين لأنك لم تصل إلى القطع (الجزم) على أنه كان من زيد دون عمرو، وكان حالُك في الحاجة إلى من يثبته لزيد كحالك إذا لم تعلم أنه كان من أصله " وبعبارة أخرى "صار الذي كان معلوماً على جهة الجواز معلوماً على جهة الوجوب"(16) ثم يقول: إن الجملة الثانية (زيد المنطلق) حملت فائدة إعلامية رغم أن السامع يعلم طرفي الجملة، أي يعلم أن انطلاقاً كان، كما يعلم زيداً، فهو، أي السامع يحتاج إلى من يُعْلمه أن الانطلاق كان من زيد، لا من عمرو.
"وأما قولنا (المنطلق زيد) والفرق بينه وبين (زيد المنطلق) فالقول في ذلك أنك، وإن كنت ترى في الظاهر أنهما سواء من حيث كان الغرض في الحالين إثبات انطلاقٍ قد سبق العلم به لزيد (خبر غير ابتدائي خلافاً لـ(زيد منطلق) فليس الأمر كذلك؛ بل بين الكلامين فصل ظاهر، وبيانه أنك إذا قلت (زيد المنطلق) فأنت في حديث انطلاق كان، وعرف السامع كونه؛ إلا أنه لم يعلم أمِنْ زيد كان أم من عمرو. فإذا قلت (زيد المنطلق) أزلت عنه الشك، وجعلته يقطع بأنه كان من زيد بعد أن كان يرى ذلك على سبيل الجواز. وليس كذلك إذا قدمت (المنطلق) فقلت (المنطلق زيد)، بل يكون المعنى حينئذ على أنك رأيت إنساناً ينطلق بالبعد منك فلم تثبته، ولم تعلم أزيد هو أم عمرو، فقال لك صاحبك (المنطلق زيد)، أي هذا الشخص الذي تراه من بعيد هو زيد. وقد ترى الرجل قائماً بين يديك وعليه ثوب ديباج، والرجلُ ممن عرفته قديماً، ثم بعُد عهدُك به فتناسيته، فيقال لك: اللابسُ الديباجَ صاحبُك الذي كان يكون عندك في وقت كذا؛ أما تعرفه؟! لشدَّ ما نسيت! ولا يكون الغرض أن يثبت له لبُس الديباج لاستحالة ذلك من حيث أن رؤيتك الديباجَ عليه تغنيك عن إخبار مخبر"(17)
ومتى تساوى المبتدأ والخبر في التعريف لم يجز أن تجعل أياً منهما مبتدأ والآخر خبراً كما يقول النحاة؛ فالمبتدأ هو موضوع الكلام، والخبر هو الذي يحمل الفائدة الإخبارية " فليس المبتدأ مبتدأ لأنه منطوق به أولاً، ولا كان الخبر خبراً لأنه مذكور بعد المبتدأ؛ بل كان المبتدأ مبتدأ لأنه مسند إليه ومثبَت له المعنى، والخبر خبراً لأنه مسند ومثبَت به المعنى. ولو كان المبتدأ مبتدأ لأنه في اللفظ مقدم مبدوء به لكان ينبغي أن يخرج عن كونه مبتدأ بأن يقال (منطلق زيد)، ولوجب أن يكون قولهم: إن الخبر مقدم في اللفظ والنيةُ به التأخيرُ محلاً، باطلاً. وإذا كان هذا كذلك ثم جئت بمعرفتين فجعلتهما مبتدأ وخبراً فقد وجب وجوباً أن يكون مثبتاً بالثاني معنى للأول (الفائدة الإخبارية في العنصر الثاني(. فإذا قلت (زيد أخوك) كنت قد أثبتَّ بـ (أخوك) معنى لزيد، وإذا قدمت وأخرت فقلت (أخوك زيد) وجب أن تكون مثبتاً بـ (زيد) معنى لـ (أخوك)"(18)
يقول غابوتشيان "تتميز الدراسات النحوية في علم اللغة العربية التقليدي بالولوج العميق إلى خصائص قيام اللغة بوظيفتها، وبالترابط المنطقي لطرق التحليل اللغوي. ويحتل الجانب الصرفي وضعية التابع للجانب النظمي (النحوي). وتنحصر المهمة الرئيسة هنا في كشف الخصائص التي تؤمِّن قيام اللغة بوظيفتها، وتؤمن بذلك بدرجة معلومة وجود الكلام نفسِه. وتدل الممارسة لدى البحث على أن الكلام يصبح موضوعاً للدراسة العلمية المباشرة. ويتركز جوهر الأمر في كون دراسة الكلام تتم في علم اللغة العربية التقليدي على أساس تحليل الجملة التي هي أصغر شكل للكلام. وهكذا يتميز علم القواعد العربية التقليدي بتركيز الاهتمام الأكبر على الجملة التي تشكل الموضوع المركزي للدراسات النحوية. وتحتل عندئذ دراسة التراكيب الإسنادية أهمية من الدرجة الأولى حيث أن جوهر الجملة نفسِها يرجع في نهاية المطاف إلى الإسناد. ونجد هنا تشابهاً مدهشاً مع النظرية النحوية لمدرسة براغ النحوية حيث يتم التأكيد على أن الفعل النظمي الأساسي الذي ينشىء معه الجملة أيضاً يتم التعبير عنه بالإسناد، لذلك فإن النحو الوظيفي يدرس قبل كل شيء أنماط الخبر، ويأخذ بعين الاعتبار حينئذ وظيفة وأشكال المبتدأ القواعدي"
أظن، كما سبق، أنه لا ضرورة للرد على اتهامات ساطع الحصري وغيره، وأن النحاة العرب لم يقعوا في أخطاء منطقية، ولم يقصدوا التشويش على دارسي النحو العربي حين ميزوا مثل (نام الولد) من (الولد نام)، وحين اتبعوا منهجاً خاصاً بهم في تقسيم الكلم.
وأخيراً أعتقد أن موضوعات كتاب "دلائل الإعجاز" للجرجاني والتي سميت بعلم المعاني، ودخلت في صنف علم البلاغة، يجب أن تعود إلى ساحة النحو لأنه لا نحوَ دون معان. وأعتقد أن هذين الموضوعين المتصلين: أقسام الكلم، والتعريف والتنكير، يجب أن يسبقا دراسة الجملة العربية ليكونا مفتاحاً إلى فهمها.
الحواشي
- آراء في اللغة والأدب. ساطع الحصري دار العلم للملايين. بيروت ط1. 1958. ص 101
- المصدر السابق 104
- المصدر السابق 107
- المصدر السابق 108
- لاحِظْ هنا أن الكاتب يفترض أن النحاة العرب وضعوا التعريفات أولاً ثم طبقوها على الكلمات؛ في حين أن ما جرى في الواقع هو العكس تماماً، وهذا سبب وصْفِ النحو العربي أحياناً بأنه "وصفيّ" descriptive، وأحياناً بأنه "تجريبي" empirique، التي معناها تحقيري في لغة الأصل.
- الحصري م.س 109
- م.س 109
- Kristeva pp 163 – 164
- الكتاب. طبعة بولاق 1/3
- لاحِظْ أثر التفكير المنطقي.
- ابن هشام. شرح قطر الندى 12
- ابن جني: الخصائص 2 /30
- الكتاب م. س1/22
- ابن يعيش شرح المفصل 1 / 86
- المعتقد في شرح الإيضاح للإمام الجرجاني. تحقيق كاظم المرجان. بغداد وزارة الثقافة 1982. 1/259
- المصدر السابق 160 – 162
- المصدر السابق 185 – 186
- المصدر السابق 193