تقديم المستشرق الفرنسي شارل بيلا لترجمته "رسالة في الصحابة" لابن المقفع
ابن المقفع غني عن التعريف، بـــ " كليلة ودمنة " و" الأدب الكبير " و" الأدب الصغير"، وهو أول من طوّع اللغة العربية للتعبير في موضوعات كيرة قبل الجاحظ. والرسالة تعني مقالاً في موضوع محدد قد يكون صفحة واحدة، وقد يكون كتاباً مثل رسائل الدكتوراه والماجستير، ومثل " رسالة الغفران " للمعري. وكلمة " الصحابة" لا علاقة لها مطلقاً بصحابة النبي محمد، بل تعني ما يسمى الآن بالحاشية الملكية. وتُعدّ هذه الرسالة أول وآخر محاولة لوضع دستور للخلافة الإسلامية، تحدد صلاحيات الجيش، وتوحيد القضاء... ويُظنّ أن الرسالة الموجهة إلى الخليفة العباسي الثاني المنصور. ويُشكّ في أن الخليفة قرأها أو سمع بها،كانت السبب في قتل الكاتب بالطريقة البشعة المعروفة: قطع اليدين والرجلين والإلقاء في النار...
...
وشارل بيلا مستشرق فرنسي ولد في الجزائر 1914 – 1992 تخصص في العربية. وقدم رسالة دكتوراه بعنوان: الوسط البصري وأثره في نشأة الجاحظ. تُرجم إلى العربية بعنوان: الجاحظ. عُني بالجاحظ وابن المقفع بخاصة، وبغيرهما من القدماء عموماً. ولا يُخفي المستشرق المتخصص بالعربية، ولا غيرُه صعوبة النص العربي، لأن اللغة العربية ما تزال عصية على ابن المقفع الذي يمكن اعتباره هو الآخر مشتشرقاً أو مستعرباً لم يسبقه أحد إلى هذه الساحة.
وأودّ أن أشير أخيراً إلى أن ما بين معقوفات في النص [ ] تدخُّلٌ من المترجم.
...
قرأ كل المستعربين رسالة ابن المقفع التي تحمل عنوان " رسالة في الصحابة" لأن العنوان أثار التساؤل وقتاً طويلاً عمّن هم الصحابة والحاشية وعمال الخليفة وقد حُلِّلت وتُرجمت جزئياً، واستفاد منها مؤرخون استخلصوا منها قيمتها التاريخية. ولكن أحداً لم يتوجه إلى ترجمتها كاملةً لأن المشروع مغامرة شديدة. ولا حاول أحد دراسة مفرداتها وأسلوبها، في حين أن هذا النص الذي له قيمة توثيقية أكيدة في ما يتعلق بالحضارة الإسلامية شاهدٌ بليغ أيضاً على وضع اللغة العربية التي يمارسها كاتبٌ ديواني ذو أصل فارسي يعبر عن آراء شخصية مستلهَمة دون الرجوع إلى شواهد، ودون ترجمة من اللغة الأم. إن القارئ الذي اعتاد أن يقرأ لابن المقفع عندما يكتب تلقائياً حكماً وأمثالاً مختصرة لا يستطيع نسيان صدمة المفاجأة بصعوبة أسلوب هذه الرسالة. فإن تسلسل الأفكار في مقاطع طويلة طولاً مدهشاً بالنسبة إلى عصرها ليس واضحاً دائماً، فيبقى التعبير في حالات كثيرة غامضاً غموضاً مثيراً، وكذلك المفردات الفقيرة رغم تنوعها الظاهري هو فقرٌ مغتفَر، تطرح، لتعدُّدِ معاني الكلمة الواحدة، عقبات مستمرة أمام المترجم.
يجري الكلام على سلسلة من النصائح المقدمة إلى أحد الخلفاء، لا في شأن اختيار حاشيته فحسب بل في قضايا سياسية عامة تمس أساساً العدالة والجيش والقضايا المالية. لم يذكر اسم الخليفة ولكن تلميحاً إلى اسم السفاح، بالإضافة إلى الصورة الأخلاقية للمرسَل إليه، يسمحان أن نستنتج أنه ليس إلا المنصور.
ويمكن أن تكون الرسالة كُتبت بتحريض من عيسى بن علي الذي كان ابنُ المقفع كاتبَه، ومن أخيه سليمان حاكم البصرة 133- 139 اللذين لم يتجرّآ على التوجه مباشرة إلى ابن أخيهما المنصور في الوقت الذي كان فيه أخوهما عبد الله ثار والتجأ إليهما. ولكن " غولتان" ليس من هذا الرأي، بل يرى أن المؤلف كتب تلقائياً إلى الخليفة. والسبب هو أن ابن المقفع يستطيع أن يستعمل ببساطة حق النصح [ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ] المعترف به لكل مسلم. والصيغ المستعملة في الرسالة تدل بما يكفي على هذا الرأي. وفي جميع الأحوال يتحمل الكاتب المسؤولية عما يكتبه.
يتوجه الكاتب إلى الخليفة بضمير الشخص الثالث [ الغائب]. وتَظهر عبارة " أمير المؤمنين " اثنتين وستين مرة. وفي بعض المقاطع يترك انطباعاً عن احتداده إلى حدِّ استجواب الخليفة، ملطِّفاً فظاظة تعبيره باستعمال عبارة " أكرمك الله "، والذي يبقى رغم كل شيء وقحاً.
من الصعب أن نفهم كيف أن نبيلاً فارسياً تجرّأ على محاولة إخضاع الخليفة العربي إلى برنامج سياسي كامل [ دستور ]، ولاسيما في وقت كان أُعدم فيه عدد من الفرس أعلى مقاماً من ابن المقفع لتدخلهم في شؤون الدولة الإسلامية. وليس بعيداً عن التفكير أن الرسالة كانت أحد أسباب إعدام كاتبها. ومع ذلك لا نعلم إن كانت وصلت إلى الخليفة، ولا كيف استطاعت الوصول إن وصلت. وبالمقابل يبدو أن الخليفة تصرف كمن لم يصله شيء البتة.
ورغم أنه لا يُنتظَر من كاتب في القرن السابع - الثامن الميلادي أن يحرر تقريراً مصوغاً صياغة قوية بأن يعلن مخططاً ويتبعه، فإنه يبدأ بالجيش معدداً الإصلاحات التي يتمناها الشعب. إن لديه إحساساً بأن الخليفة، رغم الهدوء المهيمن بفضل الإجماع عليه، يعتمد أساساً على القوات المسلحة. وواجب الجيش هو الطاعة للخليفة. لهذا يبدو الهمّ الأولُ للكاتب المحافظةَ على لُحمته واستئصال كل سبب للخلاف والسخط. فكل نزاع يمكن أن يجر إلى عواقب خطيرة. ويقترح عليه إيجاد جهاز أمني يعهد به إلى عمال موثوقين ثقة مطلقة. ويومئ لأجل خلق هذا الجهاز إلى إثارة منافسة غنية تهدف إلى اختيار رجال مهمين من عامة الشعب ومنْحِهم ترقيات في صلب الجيش، بل إيصالهم إلى مواقع أرفع إلى جانب الخليفة. وعلى الخليفة عدم إهمال أخلاق هذا الجيش وتربيته.
ثم يتناول مسألة العلاقة بين الحاكم والمحكوم على ضوء نظريةِ " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، ومسألةِ العلاقة بين الدين والعقل، ويعترض على التأويل المأثور لتلك المقولة لأنه يقود إلى الفوضى. ولكنه لا يوافق أيضاً عامة الناس الذين يتبعون الخليفة دون قيد أو شرط على طاعته في كل الظروف، وعلى إضفاء الشرعية على الممارسات غير الشرعية. وفيما يوجه تحذيراً مقنعاً إلى الخليفة ينضم إلى رأي المسلمين الذين لا يقبلون الثورة على الإمام إلا في حال عدم احترامه لأحكام القرآن والسنة. ولكن بالنسبة إلى ما ليس منصوصاً عليه فيهما فالإمام حاكم، وقراراته لا تُخرق. وله صلاحية إعلان الحرب والسلم، وتوزيع عائدات الدولة، وغيرُهما، بحكمِ السلطات الواسعة التي يحتفظ بها في مجال الإدارة والسياسة العامة والتشريع مستعملاً رأيه الشخصي.
وابن المقفع حازم في هذه النقطة الأخيرة؛ إن الحياة منظمة تبعاً لمبدأين: الدين والعقل. ولما لم يكن العقل قادراً برؤيته على أن يجد كل ما يناسب الإنسان فقد أوحى الله بالخطوط العامة للتنظيم الإنساني. ولكنه ترك حرية التصرف للرأي تجنباً لتقييد الناس بقيد لا يُحتمل، وترك لرأي الحكام وولاة الأمور، أي الأئمة، حصراً، أن يطبقوا باختيارهم قرارات سكت عنها القرآن والسنة. أما الشعب فليس له أن يتدخل إلا إذا استُشير. والرأي الفردي يجب أن يطوَّق في كل مكان يظهر فيه.
يُحتمل أن يكون ابن المقفع أحد الرواد الأوائل في التمييز، ليس بين الروحي والزمني بالضبط، بل بين ما يتعلق بالوحي والسنة النبوية، وبين ما يُلقى على عاتق الإمام في داخل الثيوقراطية الإسلامية. وتكرارُ كلمة الإمام مقصودةٌ؛ فالكاتب يستخدم هذا المصطلح تسع عشرة مرة في حين لا يظهر مصطلح الخليفة إلا أربع مرات. وعلى هذا ينطبق مصطلح الإمام على الحاكم المهيمن بامتيازاته ذات الطابع القانوني الديني دون مرجعية. ويوازيه مصطلح الوالي الذي له أحياناً، كما للإمام معنى الحاكم. ومن الواضح جداً رغم ذلك أن كلمة الخليفة تساوي في فكر المؤلف الإمامَ.
وإذا جاز لنا أن نعدّ تعاليم القرآن ذات المظهر العقائدي والشعائري أو القانوني لا تثير أي مشكلة حين تكون واضحة فإن السنّة التي يلمِّح إليها ابن المقفع ليست محددة مطلقاً. ومع ذلك يستعمل مصطلح " السنة " كما لو كانت السنة مؤسسة بطريقة نهائية يتعذّر مسُّها. بل كما لو أنها مجمَّعة بطريقة تفرض نفسها دون جدال. في حين أنه يمكن التأكد من حالات سوء الاستعمال التي فُسِح لها المجال، ومن حالات سوء استغلاله في بعض الظروف.
إن هذه الأسباب تجعل فكرة مجموعة حقيقية للقوانين يلتزم بنشرها الإمام فارضاً رأيه الشخصي على الأحكام المختلفة الصادرة عن القضاة تجعلها فكرة طوباوية نوعاً ما. وبتعبير آخر يبدو أنه يريد اعتبار الشريعة (دون أن يذكر هذه اللفظة) المؤسسة على المصادر المكتوبة ثابتة منذ الآن، وأنه يكفي أن تُكمَل بالتشريع من أجل الحالات الخاصة الطارئة، تاركاً إلى من يخلف الخليفة مهمة الإضافة إليها. والحقيقة أن المساحة القانونية المتروكة تحت تصرف الإمام ضيقة حسب الرسالة فإن الأحوال الشخصية المنظمة بخطوطها العامة في القرآن قد أُغلِقت، في حين جرى الإلحاح على الاختلاف بين الأحكام الصادرة في كل من البصرة والكوفة والمدن الكبرى، بل في داخل كل مدينة. ورغم ذلك فقد تطرقت الرسالة إلى بعض الموضوعات كالثروات والالتزامات من جهة، والأحكام ذات الطابع الجزائي من جهة أخرى. فيتحدث عن الفرْج والفروج دون تعريف آخر. ويمكن أن تفهم أنها مخالفات جنسية. وبالمقابل فكلمة " دم " وجمعها " دماء" لا تبدو منطبقة على جرائم القتل لأنه لا يُعقَل أن يتركها القضاة دون عقاب. غير أن تلميحاً وحيداً إل هذا الدم المسفوح من هذا الأموي أو ذاك يسمح لنا أن نفهم أن الكاتب يهتم بإداناتٍ سبّبت بتْر أعضاءٍ، وربما الموت، في حالات لا تشملها " الحدود" الإسلامية.
يبدو كل هذا مبهماً لقارئ القرن العشرين. غير أن من المنطقي تماماً أن يهتم ابن المقفع بتوحيد الممارسة القانونية. وبالبحث عن أسباب الاختلافات المعايَنة. ولا يمكن أن نضع تحليله موضع الشك، فهذه الاختلافات تأتي إما من عدم تحديد دقيق للسنّة يُفسِح المجال لتأويلات مختلفة للأحكام القرآنية، أو من تطبيق غيرِ متبصِّر للقياس والاجتهاد يوشك أن يقود إلى المحال. ولما كان الدور الخطير الذي يؤديه الرأي الشخصي للقضاة مبنياً أحياناً على القياس [ الاجتهاد] فإن ابن المقفع يومئ إلى الخليفة أن يجمع الاجتهاد ويطبق منه رأيه فحسبُ، ويعطي قوة القانون للقرارات التي يختارها، وأن تدوَّن لتؤلف مجموعة حقيقية للقوانين يتقيد بها القضاة. وباختصار يُنيط المؤلف بالإمام السلطة التي رأت الجماعة أن تفوّض بها الفقهاء.
إن القدرة الحربية المضمونة بواسطة جيش متعلم على الصعيد الأخلاقي – الديني، (والتقني حتماً)، وإدارة العدالة المتجانسة في ظل التشريعات القانونية تطرحان سؤالين هامين: الموارد المالية للدولة، والنخبة الحاكمة. فبما أن اقتصاد الإمبراطورية مؤسس على الزراعة فإن الضريبة العقارية (الخَراج) ذات أهمية سياسية. فيلمّح الكاتب إلى ممارسة ليست نادرة وهي جباية الجيش للضرائب. وهو ضد هذه الفكرة. فالخزانة وظيفة تحطّ من شأن صاحبها، وتنتقص من الاحترام الذي يُكنُّه الناس للعسكريين من جهة، ومن جهة أخرى يميل العسكريون إلى الشطط في الطلب، وإلى الجبايات غير القانونية.
ويندد عموماً باستبداد الجباة. ويتمنى أن يتدخل تنظيم (يسميه هنا أمراً) بشأن تلك الأراضي التي تُحرَث بشكل منتظم، ولكنها تكلف المزارعين الكثير من الجهد للمحافظة على قيمتها. وهذا تلميح إلى الأرض البور. وعندنا الانطباع بأن ابن المقفع يرغب في إجراء توصيف للأراضي، وإعفاء الفلاحين العاملين في أراضٍ غيرِ جيدة من الضريبة جزئياً على الأقل. ويتمنى أن يكون أساس التشريع الضريبي مُعَدّاً بطريقة تؤمن العدالة الضريبية. ويلاحظ أخيراً أن الخليفة لحُسن الحظ قرر أن يختار عمال الخراج بعناية وأن يراقبهم، وأن يعاقبهم عند الضرورة.
وهنا نصل إلى محور اهتمام ابن المقفع وهو " الصحابة". فطبقاً للمفهوم القديم وهو وجوب ابتعاد الحكماء بأنفسهم عن السلطة ما أمكن، فإن العناصر الجيدة تجنبت صحبة أسلاف الخليفة. وهكذا وصل إلى هذه الصحبة الطامعون الذين لا قيمة لهم. فامتلأ القصر والوظائف العامة بالموظفين غير الأكفاء المتمتعين بامتيازات فاحشة، ويتلقون أجوراً وتعويضات سخية.
ويرى ابن المقفع أن يمتلك الصحابة تربية حسنة، وأن يكونوا مستشارين مخلصين لحاكمهم. ولا يستثني ذوي القربى من هذه الصحبة، بل يتمنى أن توكَل إلى أمراء عباسيين، ولكنه يوحي بأنه موافق على تأسيس نخبة موصوفة بسعة المعارف الدينية أو تستمد قيمتها من خدمات قدمتها لقضية الإسلام. فإن كلمة " نسب" بمعنى شرف المولد لم تُستعمَل إلا مرة واحدة، في حين أن كلمة " الحسب" التي تعني الشهرة الشخصية، أكثرُ تردداً. وهذا الشرف يُحصَّل بالبلاء والغَناء أكثر مما يُحصَّل بالبطولات الحربية.
ورغم تلميحه إلى أبناء المهاجرين والأنصار فهو يُبدي ميلاً ديموقراطياً ليس غريباً جداً. والحق أنه عندما يفكر في صحابة مؤسسة على القيمة والكفاءة الشخصيتين أكثر منها على شرف المولد، فالذين في ذهن الكاتب هم الموالي الذين لا يذكرهم بالاسم، ولكنه يتمنى دمْج العناصر المتباينة في الدولة في جماعة واحدة تكون فيها الشخصيات الأكثرُ بروزاً مهما كانت أصولها معَدّة لبناء هذه النخبة من الصحابة. ويتأكد هذا الميل لدى ابن المقفع بملاحظته على التدخلات التي يجب أن تؤدي دوراً في اختيار ذوي الرتب والموظفين.
تتطلب القضايا المختلفة التي يعالجها هذا التقرير الموجه إلى الخليفة معجماً كافياً. ويستطيع الباحث مقارنته بنصوص معاصرة لقياس تطور اللغة العربية في مجال الإدارة في خلال العقود الأولى من القرن الثاني للهجرة. وإجمالاً فإن مئة وأربعين جذراً لغوياً أمدّته بألف وخمسين كلمة مختلفة تَعُدّ مع التكرار أربعة آلاف وأربعمئة كلمة. والأدوات النحوية الأساسية التي عددها اثنتان وعشرون تمثّلت ألفاً وثلاثمئة وخمسين مرة. وتَمثَّل أحد عشر ضميراً واسمَ إشارة مئتين وثمانين مرة. أما الـــ 2770 كلمة الباقية، وهي بقية النص، فتتعلق بما يزيد قليلاً على ألف كلمة، تَكرَّر بعضها خمس مرات على الأقل مثل " أمر" 80 مرة، و" أمير" 65 مرة، و" أهل" 59 مرة.
استطاع ابن المقفع بأكثر من ألف كلمة بقليل التعبير عن أفكاره، بل إن معرفة 144 كلمة تسمح بفهم ثُلُثي النص. وتتمثل إبهامات النص عموماً في تجميعِ الضمائر دون مرجع واضح، وتعلُّقِها أحياناً بلفظة بعيدة، واستعمالِ " أما " في جملة طويلة تتضمن اعتراضاً طويلاً قبل الوصول إلى " فاء" الجواب. وفي سلاسل الإضافات الطويلة، والإكثارِ من حروف الجرّ.
ويلاحظ الدارس أن ابن المقفع يوشّي حديثه بصيغٍ ذاتِ طابع حِكَمي، مثل: فإن من الطمع الجدّ، ومع اليأس القعود... فإن أخذت الرعية بالشدة حُميتْ، وإن أُخذت باللين طغتْ.
وأخيراً سيتأكد قارئ الرسالة من أن ابن المقفع، وهو يمدح أمير المؤمنين وينسب إلى الله كل أفعاله الماضية والقادمة، يجعلنا نتأكد أنه إذا لم يُصْغَ إلى النصائح الطيبة الذي بذلها فليس مسؤولاً عنها.
الأسبوع الأدبي العدد 520 11 / 7 / 1996